الأربعاء، 22 مايو 2013

«بيغماليون» مسرحية العلاقات الإنسانية



أسرت مسرحية "بيغماليون" للكاتب الايرلندي جورج برنارد شو، قلوب الجماهير من العامة والنخبة، منذ عرضها في بداية القرن العشرين وحتى يومنا هذا. وألهمت المبدعين في الأدب والشعر والسينما والتشكيل، من مختلف بلدان العالم.

تكمن جماليات وخصوصية هذه المسرحية، التي استلهمها جورج برنارد شو (1856 1950)، من "بيغماليون" إحدى شخصيات الأسطورة الإغريقية، في تناول كاتبها للعلاقات الإنسانية المعقدة في المجتمعات.

لقاء وحكاية

تبدأ المسرحية ذات الفصول الخمسة، بلقاء رجلين من النبلاء في خريف العمر، في أمسية ماطرة، في إحدى الحدائق. والأول هو البروفيسور هيغنز المتخصص في علوم الصوتيات. أما الثاني فهو الكولونيل بيكرينغ، المتخصص باللغات واللهجات الهندية.

وأثناء حوارهما يتحدى هيغنز زميله في قدرته من خلال خبرته في علم الصوتيات، بتحويل الفتاة إليزا دوليتل، بائعة الزهور في الحديقة، في أشهر معدودة، إلى سيدة مرموقة تجيد التحدث، وتتقن إقناع مجتمع لندن المخملي، بحضورها كأية دوقة مرموقة فيه.

تحد وشروع

تأتي، في صباح اليوم التالي، إليزا إلى مختبر هيغنز، لتباشر تلقي دروس النطق، عارضة عليه ملاليم، مقابل تعليمها النطق الصحيح. ذلك كي تستطيع العمل في محل لبيع الزهور. فيسخر منها هيغنز. وتستهويه فكرة العمل على تحويلها إلى دوقة، ويتعهد بيكرينغ بدفع كافة التكاليف له، إن استطاع تقديم إليزا كدوقة في الحفل الذي يقيمه السفير في حديقته.

يقبل هيغنز التحدي ويبدأ بمساعدة مدبرة منزله على الاهتمام بمظهر إليزا، وبعد أيام يقدم والد إليزا، ليطلب بصورة غير مباشرة، مبلغا ماليا، مقابل بقائها. ولا يتردد هيغنز في إعطائه المال، بعدما لمس ما تتمتع به الشابة من ذكاء وبلاغة، وخلال مغادرته لا يتعرف على ابنته بصورتها الجديدة.

يستمر تدريب إليزا على الكلام بصورة صحيحة لأشهر عديدة، وتواجه خلالها محنتين. الأولى في بيت والدة هيغنز، حيث قدمت إلى العائلة ومعها مجموعة من الضيوف. تشعر إليزا بعد نجاحها، بالخيبة والإحباط، حين يستغرق هيغنز في الحوار مع بيكرينغ، مهنئاً نفسه بكسب التحدي والنجاح، وتحرره من عبء الشهرين السابقين.

هروب إليزا

يعود هيغنز إلى بيت والدته مذعوراً، في اليوم التالي، بعد أن اكتشف هرب إليزا. وفي أثره والدها الذي ورث ثروة من المال. وهنا تشرح له والدته موقفه الأناني من إليزا واعتبارها كشيء من الأشياء، لتتحدث بعدها عن حيرة الشابة التي لا تعرف ماهية خطوتها التالية في الحياة، عقب هذه النقلة النوعية في حياتها.

موقف

تواجه إليزا كل من هيغنز وبيكرينغ، وتتبع في حوارها مع بيكرينغ، أسلوباً مشابهاً لحوار الرجلين في الليلة الماضية، إذ تنسب فضل نجاحها إليه، متعمدة تجاهل جهود هيغنز. ويدرك الأخير الصورة فيشتد غضبه منها. ويطلب عودتها لتتابع عملها عنده كسكرتيرة، لكنها ترفض الفكرة، وتغادر بلا عودة.

بالطبع، رفض الجمهور والمنتجون هذه النهاية غير السعيدة وطلبوا من شو تعديلها، لكنه رفض بإصرار، فكرامة إليزا واعتزازها بنفسها لا يتماشيان مع النهاية التي أضافها المنتجون، والتي تتوج بزواجها بهيغنز.

وتستمد المسرحية اسمها: بيغماليون، من قصة الشاعر الروماني أوفيد الشهيرة: "تحولات". إذ كان النحات بيغماليون يكره النساء، وفي أحد الأيام، نحت تمثالاً من العاج لامرأة تمثل الجمال. وسرعان ما وقع في حبه. وفي عيد الحب دعا آلهة الحب فينوس، إلى أن تحيي التمثال، ففعلت. ولما رجع من العيد وقابلها، سمى التمثال الحي "غالاتيا".

موقف

يعد الكاتب المسرحي جورج برنارد شو، الأديب الوحيد الذي جمع بين جائزة نوبل للآداب (1925) وجائزة أوسكار لأفضل الأفلام السينمائية في عام 1938، لعمله في الفيلم السينمائي الذي حمل اسم مسرحيته. إذ كتب السناريو بنفسه. وطلب شو أن تحول قيمة جائزة نوبل، إلى دعم ترجمة مسرحيات أوغست ستريندبرغ من السويدية إلى الانجليزية.


في السينما العالمية

1938 قُدم أول فيلم سينمائي من وحي المسرحية في بريطانيا، أخرجه أنطوني أسكويث مع ليزلي هاورد. وحمل اسم المسرحية، وكتب السيناريو جورج برنارد شو نفسه. وأدت دور إليزا فيه، الممثلة ويندي هيللر.

1956 استلهم الموسيقار فريديريك لويّ والكاتب آلن جيّ ليرني، من مسرحية «شو» عملهما: « سيدتي الجميلة»، وقدما عرضه في عام 1956، على مسرح «بروديّ»، إذ حقق العمل نجاحاً كبيراً، منذ العرض الأول.

1964 قدمت السينما الأميركية الفيلم، من إخراج جورج كوكر، بعنوان « سيدتي الجميلة». وهو من بطولة أودري هيبورن التي أدت دور إليزا. وريكس هاريسون الذي لعب دور البروفيسور هيغنز.

في المسرح والسينما العربية

1969 برع كل من الممثل فؤاد المهندس والممثلة شويكار، والكاتب بهجت قمر، في تقديم مسرحية «سيدتي الجميلة»، المقتبسة عن العمل نفسه، والتي تعد من روائع المسرحيات العربية الخالدة. ويحسب لقمر نجاحه في الإضافات على النص الأصلي، عبر مشاهد أعطت بعداً محلياً للعمل، من منظور مصري رفيع المستوى.

1975 فيلم «سيدتي الجميلة » من إخراج حلمي رفلة، ومن بطولة: نيللي ومحمود ياسين وعمر خورشيد وعماد حمدي، ولعب فيه ياسين دور أستاذ جامعي، يلتقي مع فتاة تعمل "تاجرة شنطة" وهي: (نيللي). فيحاول أن يجعل منها سيدة مجتمع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق