«وداعاً للسلاح»
لغة الحب تهجو الحروب
استلهم الروائي الأميركي، إرنست همنغواي، عنوان روايته "وداعاً للسلاح"، التي نشرت عام 1929، من قصيدة درامية للشاعر جورج بيلي في القرن السادس عشر. وهي تعد من الأعمال الأدبية التي تجاوزت بزخمها حدود النص.
تستمد الرواية ديمومتها، من قاعدة ثراء نصها الأدبي الذي تجاوز بزخمه، قدرات الكاتب نفسه، كذلك نبرة الاستنكار العالية والمهارة في تعرية أهوال الحروب، تحديداً الحرب العالمية الأولى. ويوازي تلك النبرة، شغف كبير بالإبداع والكتابة وتحويل الكلمات إلى حروف من ذهب، مع كثافة في المشاعر المحملة بين السطور.
خصوصية
تتجلى خصوصية النص من خلال مقتطفين من ما ذكره همنغواي في مقدمة إحدى طبعات روايته: "أذكر أنني عشت خلال كتابتي لهذه الرواية أسعد أوقات حياتي، كنت أعيش في الكتاب وأصنع أحداثه كل يوم. كنت أشكل المدينة والناس والأشياء التي حدثت. في كل يوم أقرأ ما كتبت منذ البداية وحتى اللحظة التي يتوجب عليّ متابعة الكتابة. وكل يوم كنت أتوقف وأنا لا أزال في حالة معنوية جيدة، وأعرف ما الذي سيحدث لاحقاً".
ويضيف همنغواي في حديثه بالخصوص: "لم تسلبني تراجيديا الكتاب سعادتي، لقناعتي أن الحياة نفسها تراجيديا ونهايتها واحدة. لكن ادراك أن بإمكان الإنسان اختلاق شيء ما، والإبداع بما يكفي من المصداقية، كفيل بجعلك سعيداً لدى قراءته، لأعيش سعادة لم أعرف مثلها من قبل. وإزاؤها تغيب معاني التفاصيل".
عمق إبداعي
الطريف أن همنغواي كتب 39 خاتمة للعمل، وقال في مقابلة مع "باريس ريفيو" عام 1958: "كلمات رواية (وداعاً للسلاح) الأخيرة، كتبتها 39 مرة، قبل شعوري بالرضا عن الخاتمة".
تقسم الرواية إلى خمسة مجلدات. ونتعرف فيها على شاب أميركي يقود سيارة اسعاف الصليب الأحمر في إيطاليا، خلال الحرب العالمية الأولى، يدعى الملازم هنري. ولا نتعرف على اسم الراوي الكامل إلا في المجلد الثاني من الرواية.
وتدور الأحداث أو الذكريات التي يسردها الراوي فريديريك هنري، في الماضي. والشيق في الرواية أن القارئ لا يعرف عمر الراوي، ومكانه لدى سرده قصته. أو أي شيء عن عمره خلال الأحداث التي مر بها، تاركاً للقارئ التكهن بها عبر زمن الرواية. ويقدر النقاد زمن الرواية بما يقارب الست سنوات. وفي طبيعة الحال، يتجلى أو يستنتج تقدير السنوات تلك، بفعل المعارك التي يصفها الراوي.
أحداث تصاعدية
تحكي الرواية، في مجلدها الأول، قصة لقاء هنري، بوساطة صديقه رينالدي، الفتاة كاثرين باركلي الانجليزية، التي تعمل كممرضة في بلدة غوريزيا، حيث يقع مستشفى الصليب الأحمر. وتبدأ بينهما علاقة رومانسية. لكن، وعندما يجرح هنري في إحدى المعارك، يرسل إلى مستشفى في ميلانو.
ويصل هنري إلى المستشفى الأميركي في ميلان، ضمن أحداث المجلد الثاني. ومن ثم تلحق به كاثرين إلى هنا، من دون تردد، وحين يراها أمامه، يدرك حبه العميق لها. وتتطور العلاقة بينهما في أثناء فترة تعافي هنري من جراحته، طوال ثلاثة أشهر، وشربه المبالغ به للكحول.
تخبر كاثرين هنري، انها حامل في الشهر الثالث، فيخطط الاثنان لقضاء إجازة نقاهته معاً، لمدة ستة أسابيع. وعندما تضيق رئيسة المستشفى الآنسة فان كامبن، ذرعاً بإدمان هنري الكحول. وكذا بنبرته الوقحة، ترفض طلب إجازة نقاهته، ثم تأمر بإعادته إلى غوريزيا. فيمضي الحبيبان، الليلة الأخيرة لهما في ميلانو، في أحد الفنادق. ويستقل هنري، عقبها، قطار منتصف الليل. وهما لا يعلمان إن كان سيكتب لهما لقاء آخر.
يستغرق هنري، في الجزء الثالث، في مهمة انسحاب الإيطاليين من أحد المناطق بعد اقتحامها من النمساويين. وخلال إحدى جولاته، تنغرز عجلات السيارة في الطين، ما يضطرهم إلى تركها والمتابعة سيراً. وحين يطلب هنري من الجنديين اللذين يرافقاه وزميله، مساعدتهما في إفراغ محتويات السيارة، يطلق النار ويقتل أحدهما، بعد رفضهما تقديم العون. وتلك هي المرة الأولى التي يقتل فيها.
يعتقل هنري في مقر "بوليس المعركة" حيث يجري التحقيق مع المشتبه بخياناتهم وإعدامهم، والتي كانت (الخيانات)، حسب زعمهم، سبب هزيمة الإيطاليين. وبعد مشاهدته وسماعه عن التحقيقات التي تنتهي جميعها بالإعدام، يرمي هنري نفسه بالنهر وينجح في الهرب.
بحث فلقاء فمأساة
يذهب هنري، في تفاصيل وحبكة المجلد الرابع ضمن الرواية، إلى ميلان، باحثاً عن كاثرين التي انتقلت إلى بلدة أخرى. وبعد تدبير أمره وارتدائه الثياب المدنية، يتوجه إلى ستريسا حيث تقيم. وبأعجوبة، يعثر عليها. فيمضي الاثنان بضعة أيام في سعادة كاملة، حتى يصل إلى علمه في منتصف إحدى الليالي، أمر القبض عليه لهربه من الخدمة العسكرية. ويتبنى الاثنان خطة جريئة فيهربان بالقارب إلى ضفاف شاطئ في جوار سويسرا، وينجحان في إقناع السلطات السويسرية، أن زيارتهما خاصة بالرياضات الشتائية، وهكذا يسمح لهما بالاستقرار هناك.
وتطلعنا الأحداث في المجلد الخامس، على كيفية استئجار العاشقين كوخاً جبلياً، ذلك قبل شهر من ولادة طفلهما. ثم ينتقلان إلى فندق قريب من أحد المستشفيات. كما نقرأ كيف تتعسر ولادة كاثرين، إذ تخضع لعملية قيصرية، ويولد الطفل. لكنه يموت بعد فترة قصيرة، وسرعان ما تلحق به كاثرين، بعد نزيف حاد تملك منها.
في السينما
1932 استلهمت السينما الأميركية فيلمها الأول من الرواية، في فيلم أخرجه فرانك بورزاجي،بطولة: هيلين هييز وغاري كوبر. و سيناريو: أوليفر غاريت وبنجامين غليزر. ونال جائزة أكاديمية عن أفضل تصوير وهندسة صوت.
1957 قدمت سينما دولوكس كولور سكوب، فيلماً من وحي الرواية، أخرجه شارلز فيدور. بطولة: روك هيدسون وجينيفر جونز وإيلين ستريتش.
في الإذاعة1932 قدم مسرح لوكس في أميركا، رواية " وداعا للسلاح"، للإذاعة، ضمن مسلسل مؤلف من 127 حلقة. من بطولة كلارك غيبل وجوزيفين هاتشينسون وجاك لا رو. وكانت الحلقات تقدم بثاً مباشراً لمدة ساعة في الاستوديو، بحضور جمهور كبير. وقدم العمل في السنوات اللاحقة من قبل إذاعات عديدة. وأدى الأدوار فيها، ممثلون مختلفون، مثل: ميريام هوبكنز وجون بولز.
بطاقة
كان إرنست ميللر همنغواي الذي ولد عام 1899 في إحدى ضواحي شيكاغو، كاتباً وصحافياً. وحقق أسلوبه في الكتابة، تأثيراً كبيراً على ساحة الأدب الروائي في القرن العشرين. وأثرت سمات شخصيته ومغامراته، بعمق، في الأجيال اللاحقة. وأصدر معظم أعماله خلال الفترة ما بين 1920 و1950.
كما فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1954. وفي عام 1959 استقر في بيته الجديد بإيداهو حيث انتحر صيف عام 1961. نشر همنغواي سبع روايات وست مجموعات قصصية قصيرة، وعملين في الأدب الواقعي. كما نٌشر له بعد وفاته، 3 روايات، و4 مجموعات قصصية قصيرة، و3 أعمال في الأدب الواقعي.
تستمد الرواية ديمومتها، من قاعدة ثراء نصها الأدبي الذي تجاوز بزخمه، قدرات الكاتب نفسه، كذلك نبرة الاستنكار العالية والمهارة في تعرية أهوال الحروب، تحديداً الحرب العالمية الأولى. ويوازي تلك النبرة، شغف كبير بالإبداع والكتابة وتحويل الكلمات إلى حروف من ذهب، مع كثافة في المشاعر المحملة بين السطور.
خصوصية
تتجلى خصوصية النص من خلال مقتطفين من ما ذكره همنغواي في مقدمة إحدى طبعات روايته: "أذكر أنني عشت خلال كتابتي لهذه الرواية أسعد أوقات حياتي، كنت أعيش في الكتاب وأصنع أحداثه كل يوم. كنت أشكل المدينة والناس والأشياء التي حدثت. في كل يوم أقرأ ما كتبت منذ البداية وحتى اللحظة التي يتوجب عليّ متابعة الكتابة. وكل يوم كنت أتوقف وأنا لا أزال في حالة معنوية جيدة، وأعرف ما الذي سيحدث لاحقاً".
ويضيف همنغواي في حديثه بالخصوص: "لم تسلبني تراجيديا الكتاب سعادتي، لقناعتي أن الحياة نفسها تراجيديا ونهايتها واحدة. لكن ادراك أن بإمكان الإنسان اختلاق شيء ما، والإبداع بما يكفي من المصداقية، كفيل بجعلك سعيداً لدى قراءته، لأعيش سعادة لم أعرف مثلها من قبل. وإزاؤها تغيب معاني التفاصيل".
عمق إبداعي
الطريف أن همنغواي كتب 39 خاتمة للعمل، وقال في مقابلة مع "باريس ريفيو" عام 1958: "كلمات رواية (وداعاً للسلاح) الأخيرة، كتبتها 39 مرة، قبل شعوري بالرضا عن الخاتمة".
تقسم الرواية إلى خمسة مجلدات. ونتعرف فيها على شاب أميركي يقود سيارة اسعاف الصليب الأحمر في إيطاليا، خلال الحرب العالمية الأولى، يدعى الملازم هنري. ولا نتعرف على اسم الراوي الكامل إلا في المجلد الثاني من الرواية.
وتدور الأحداث أو الذكريات التي يسردها الراوي فريديريك هنري، في الماضي. والشيق في الرواية أن القارئ لا يعرف عمر الراوي، ومكانه لدى سرده قصته. أو أي شيء عن عمره خلال الأحداث التي مر بها، تاركاً للقارئ التكهن بها عبر زمن الرواية. ويقدر النقاد زمن الرواية بما يقارب الست سنوات. وفي طبيعة الحال، يتجلى أو يستنتج تقدير السنوات تلك، بفعل المعارك التي يصفها الراوي.
أحداث تصاعدية
تحكي الرواية، في مجلدها الأول، قصة لقاء هنري، بوساطة صديقه رينالدي، الفتاة كاثرين باركلي الانجليزية، التي تعمل كممرضة في بلدة غوريزيا، حيث يقع مستشفى الصليب الأحمر. وتبدأ بينهما علاقة رومانسية. لكن، وعندما يجرح هنري في إحدى المعارك، يرسل إلى مستشفى في ميلانو.
ويصل هنري إلى المستشفى الأميركي في ميلان، ضمن أحداث المجلد الثاني. ومن ثم تلحق به كاثرين إلى هنا، من دون تردد، وحين يراها أمامه، يدرك حبه العميق لها. وتتطور العلاقة بينهما في أثناء فترة تعافي هنري من جراحته، طوال ثلاثة أشهر، وشربه المبالغ به للكحول.
تخبر كاثرين هنري، انها حامل في الشهر الثالث، فيخطط الاثنان لقضاء إجازة نقاهته معاً، لمدة ستة أسابيع. وعندما تضيق رئيسة المستشفى الآنسة فان كامبن، ذرعاً بإدمان هنري الكحول. وكذا بنبرته الوقحة، ترفض طلب إجازة نقاهته، ثم تأمر بإعادته إلى غوريزيا. فيمضي الحبيبان، الليلة الأخيرة لهما في ميلانو، في أحد الفنادق. ويستقل هنري، عقبها، قطار منتصف الليل. وهما لا يعلمان إن كان سيكتب لهما لقاء آخر.
يستغرق هنري، في الجزء الثالث، في مهمة انسحاب الإيطاليين من أحد المناطق بعد اقتحامها من النمساويين. وخلال إحدى جولاته، تنغرز عجلات السيارة في الطين، ما يضطرهم إلى تركها والمتابعة سيراً. وحين يطلب هنري من الجنديين اللذين يرافقاه وزميله، مساعدتهما في إفراغ محتويات السيارة، يطلق النار ويقتل أحدهما، بعد رفضهما تقديم العون. وتلك هي المرة الأولى التي يقتل فيها.
يعتقل هنري في مقر "بوليس المعركة" حيث يجري التحقيق مع المشتبه بخياناتهم وإعدامهم، والتي كانت (الخيانات)، حسب زعمهم، سبب هزيمة الإيطاليين. وبعد مشاهدته وسماعه عن التحقيقات التي تنتهي جميعها بالإعدام، يرمي هنري نفسه بالنهر وينجح في الهرب.
بحث فلقاء فمأساة
يذهب هنري، في تفاصيل وحبكة المجلد الرابع ضمن الرواية، إلى ميلان، باحثاً عن كاثرين التي انتقلت إلى بلدة أخرى. وبعد تدبير أمره وارتدائه الثياب المدنية، يتوجه إلى ستريسا حيث تقيم. وبأعجوبة، يعثر عليها. فيمضي الاثنان بضعة أيام في سعادة كاملة، حتى يصل إلى علمه في منتصف إحدى الليالي، أمر القبض عليه لهربه من الخدمة العسكرية. ويتبنى الاثنان خطة جريئة فيهربان بالقارب إلى ضفاف شاطئ في جوار سويسرا، وينجحان في إقناع السلطات السويسرية، أن زيارتهما خاصة بالرياضات الشتائية، وهكذا يسمح لهما بالاستقرار هناك.
وتطلعنا الأحداث في المجلد الخامس، على كيفية استئجار العاشقين كوخاً جبلياً، ذلك قبل شهر من ولادة طفلهما. ثم ينتقلان إلى فندق قريب من أحد المستشفيات. كما نقرأ كيف تتعسر ولادة كاثرين، إذ تخضع لعملية قيصرية، ويولد الطفل. لكنه يموت بعد فترة قصيرة، وسرعان ما تلحق به كاثرين، بعد نزيف حاد تملك منها.
في السينما
1932 استلهمت السينما الأميركية فيلمها الأول من الرواية، في فيلم أخرجه فرانك بورزاجي،بطولة: هيلين هييز وغاري كوبر. و سيناريو: أوليفر غاريت وبنجامين غليزر. ونال جائزة أكاديمية عن أفضل تصوير وهندسة صوت.
1957 قدمت سينما دولوكس كولور سكوب، فيلماً من وحي الرواية، أخرجه شارلز فيدور. بطولة: روك هيدسون وجينيفر جونز وإيلين ستريتش.
في الإذاعة1932 قدم مسرح لوكس في أميركا، رواية " وداعا للسلاح"، للإذاعة، ضمن مسلسل مؤلف من 127 حلقة. من بطولة كلارك غيبل وجوزيفين هاتشينسون وجاك لا رو. وكانت الحلقات تقدم بثاً مباشراً لمدة ساعة في الاستوديو، بحضور جمهور كبير. وقدم العمل في السنوات اللاحقة من قبل إذاعات عديدة. وأدى الأدوار فيها، ممثلون مختلفون، مثل: ميريام هوبكنز وجون بولز.
بطاقة
كان إرنست ميللر همنغواي الذي ولد عام 1899 في إحدى ضواحي شيكاغو، كاتباً وصحافياً. وحقق أسلوبه في الكتابة، تأثيراً كبيراً على ساحة الأدب الروائي في القرن العشرين. وأثرت سمات شخصيته ومغامراته، بعمق، في الأجيال اللاحقة. وأصدر معظم أعماله خلال الفترة ما بين 1920 و1950.
كما فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1954. وفي عام 1959 استقر في بيته الجديد بإيداهو حيث انتحر صيف عام 1961. نشر همنغواي سبع روايات وست مجموعات قصصية قصيرة، وعملين في الأدب الواقعي. كما نٌشر له بعد وفاته، 3 روايات، و4 مجموعات قصصية قصيرة، و3 أعمال في الأدب الواقعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق